آخر المقالات

تشكيل حروف المصحف الكريم



    تشكيل حروف المصحف الكريم لغتنا جميلة
قال تعالى: (( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )) صدق الله العظيم

قد قيض الله بعضا من عباده ليكونوا جنودا مجندة لهذه المهمة المقدسة التي لا تدانيها مهمة.
فمن هؤلاء رجال قاموا بدور جليل في محراب خدمة القرآن،
لا ينكره إلا جاحد أو جاهل،
لعل منهم أبا الأسود الدؤلي الذي يلقب بأبي النحو،فقد خدم القرآن بصفة خاصة ،
ثم خدم اللغة العربية بصفة عامة، فهو الذي وضع تشكيل أو ضبط الحروف القرآنية 
ليكون دليلا يرشد القارئ إلى طريقة النطق بالحروف نطقا صحيحا لا لبس فيه ولا لحن،
وأردف ذلك بوضع علم النحو ولكل قصة. أما قصة تشكيل حروف المصحف، ففحواها أنه قد شاع اللحن والخطأ في قراءة القرآن نتيجة عدم وجود نظام يحدد طريقة نطق الحروف مضبوطة، فيروى أن أبا الأسود الدؤلي سمع يوما قارئا يقرأ قوله تعالى" إن الله بريءٌ من المشركين ورسوله " فقال ورسولِه بكسر اللام بدلا من(رسولُه) بضم اللام، فإذا بأعرابي يقول إذا كان الله بريئا من المشركين ومن رسوله فأنا أبرأ منهم كذلك ،فصعق أبو الأسود من هول الخطأ وما أدى إليه من فهم خاطئ تماما يصل إلى حد الكفر لمجرد الخطأ في نطق حرف واحد فقط، فقال ما ظننت أن أمر الناس قد صار إلى هذا،
فقال للأمير زياد أعطني كاتبا فطنا، فأتى به ، فقال له أبو الأسود: إذا رأيتني قد فتحت فمي بالحرف فضع نقطة أعلاه -الفتحة- وإذا رأيتني قد ضممت فمي فانقط نقطة بين يدي الحرف-الضمة- ،وإن كسرت فانقط نقطة تحت الحرف -الكسرة-، فإذا أتبعت شيئا من ذلك غُنَّة فاجعل مكان النقطة نقطتين-التنوين- فكان أبو الأسود هو أول من نقط حروف المصحف،تلك النقاط التي اصطلح على تسميتها (نقاط الشكل) أي التشكيل الموصل إلى ضبط نطق الحروف القرآنية كما أنزلها الله على نبيه الكريم صل الله عليه وسلم ،وهي في مقابل (نقاط الإعجام) التي حددت الفروق بين الحروف العربية المتشابهة.
هذا ما روي بشأن تشكيل حروف القرآن ،فهو إذن رائد هذا المجال حيث وضع به حجر الأساس للتدخل بجرأة محسوبة لحماية المصحف الشريف، كلما تعرض لخطر ما .
وتلا هذا تدخل العالم العربي نصر بن عاصم-كما ذكرنا من قبل- لوضع النقاط الفارقة بين الحروف المتشابهة، ،فأصبح هناك نوعان من النقاط،وفي بادئ الأمر كان نساخ المصاحف يلجأون إلى التمييز بين هذين النوعين من النقاط بإفراد كل نوع منهما بلون خاص به ،ولكن عندما يتعذر وجود لونين مع الكاتب تتداخل النقاط و يلتبس الأمر على القارئ ،فاستدعى ذلك تدخل العالم الفذ الخليل بن أحمد الفراهيدي -رحمه الله- الذي كلل مجهود سابقيه بمجهود عبقري ليضع حدا فاصلا بين نقاط الشكل ونقاط الإعجام، فأبقى على نقاط الإعجام كما هي ،وغير نظام نقاط الشكل واستبدل بها علامات الضبط (الفتحة-الضمة –الكسرة-السكون) فجعل فلسفته لرسم الفتحة أن تكون أشبه بألف صغيرة أعلى الحرف،والضمة واوا صغيرة فوق الحرف،والكسرة أشبه بياء صغيرة تحت الحرف، وجعل تكرار العلامة دليلا على التنوين ،وجعل السكون في المصحف رأس خاء غير منقوطة(حـ) إشارة إلى خلو الحرف من الحركة، أما تضعيف الحرف فجعل رمزا له رأس شين غير منقوطة (سـ) إشارة إلى كلمة شدة ،ثم أضاف جديدا برسم الهمزة فجعلها رأس عين (عـ) ليميز بين أنواع الألف :همزة الوصل (ا) وهمزة القطع(أ) في أول الكلمة ،والألف المد(ا) فى وسط الكلمة ،وما زالت هذه العلامات هي المعتمدة والمستخدمة  في المصاحف حتى الآن.
فلا شك أن هؤلاء العلماء الثلاثة-أبا الأسود الدؤلي ونصر بن عاصم والخليل بن أحمد- يمثل كل منهم  حلقة فى سلسلة ذهبية رصعت حروف المصحف ،بما زاده وضوحا ،وكأن ما وضعوه على حروف المصحف الشريف من نقاط وتشكيل إنما هي علامات هادية،وأنوار كاشفة يستضىء بها كل قارئ للقرآن إلى يوم القيامة ،فهي تحمي القارئ من اللحن، وتقي المصحف شبهة التحريف أو التصحيف، 
فكم نغبط أجر هؤلاء الجنود الذين قيضهم الله تعالى لحفظ قرآنه الكريم
{ وما يعلم جنود ربك إلا هو
جزاهم الله عنا خيرا.






















ملاحظة! : عند نقلك للموضوع حاول ان تذكر المصدر لينتفع الزائر في حال اراد المزيد من المساعده، وايضاَ احتراما وتقديراَ للجهود المبذولة.

عن الكاتب

إسمي لم أختاره ولم يخيرونني فيه، لازمني منذ ولادتي وسيلازمني حتى موتي، أرجو أن أقدم في حياتي ما يجعله بعد موتي مصحوباً بعبارة (رحمه الله).

شكرا لك ولمرورك
Imad-Rafai
+ انضم الينا
Join on this site

تواصل Google